كتاب أسرار الصلاة ومهماتها
وهو الكتاب الرابع من ربع العبادات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي غمر العباد بلطائفه وعمر قلوبهم بأنوار الدين ووظائفه التي تنزل عن عرش الجلال إلى السماء الدنيا من درجات الرحمة إحدى عواطفه فارق الملوك مع التفرد بالجلال والكبرياء بترغيب الخلق في السؤال والدعاء فقال هل من داع فأستجيب له وهل من مستغفر فأغفر له وباين السلاطين بفتح الباب ورفع الحجاب فرخص للعباد في المناجاة بالصلوات كيفما تقلبت بهم الحالات في الجماعات والخلوات ولم يقتصر على الرخصة بل تلطف بالترغيب والدعوة وغيره من ضعفاء الملوك لا يسمح بالخلوة إلا بعد تقديم الهدية والرشوة فسبحانه ما أعظم شأنه وأقوى سلطانه وأتم لطفه وأعم إحسانه والصلاة على محمد نبيه المصطفى ووليه المجتبى وعلى آله وأصحابه مفاتيح الهدى ومصابيح الدجى وسلم تسليما.
أما بعد فإن الصلاة عماد الدين وعصام اليقين ورأس القربات وغرة الطاعات وقد استقصينا في فن الفقه في بسيط المذهب ووسيطه ووجيزه أصولها وفروعها صارفين جمام العناية إلى تفاريعها النادرة ووقائعها الشاذة لتكون خزانة للمفتي منها يستمد ومعولا له إليها يفزع ويرجع ونحن الآن في هذا الكتاب نقتصر على ما لا بد للمريد منه من أعمالها الظاهرة وأسرارها الباطنة وكاشفون من دقائق معانيها الخفية في معاني الخشوع والإخلاص والنية ما لم تجر العادة بذكره في فن الفقه ومرتبون الكتاب على سبعة أبواب الباب الأول في فضائل الصلاة الباب الثاني في تفضيل الأعمال الظاهرة من الصلاة الباب الثالث في تفضيل الأعمال الباطنة منها الباب الرابع في الإمامة والقدوة الباب الخامس في صلاة الجمعة وآدابها الباب السادس في مسائل متفرقة تعم بها البلوى يحتاج المريد إلى معرفتها الباب السابع في التطوعات وغيرها الباب الأول في فضائل الصلاة السجود والجماعة والأذان وغيرها فضيلة الأذان قال صلى الله عليه وسلم ثلاثة يوم القيامة على كثيب من مسك أسود لا يهولهم حساب ولا ينالهم فزع حتى يفرغ مما بين الناس رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله عز وجل وأم بقوم وهم به راضون ورجل أذن في مسجد ودعا إلى الله عز وجل ابتغاء وجه الله ورجل ابتلي بالرزق في الدنيا فلم يشغله ذلك عن عمل الآخرة حديث ثلاثة يوم القيامة على كثيب من مسك الحديث أخرجه الترمذي وحسنه من حديث ابن عمر مختصرا وهو في الصغير للطبراني بنحو مما ذكره المؤلف وقال صلى الله عليه وسلم لا يسمع نداء المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة حديث لا يسمع صوت المؤذن جن ولا إنس ولاشيء إلا شهد له يوم القيامة أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد وقال صلى الله عليه وسلم يد الرحمن على رأس المؤذن حتى يفرغ من أذانه حديث يد الرحمن على رأس المؤذن حتى يفرغ من أذانه أخرجه الطبراني في الأوسط والحسن بن سعيد في مسنده من حديث أنس بإسناد ضعيف وقيل في تفسير قوله عز وجل ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا نزلت في المؤذنين وقال صلى الله عليه وسلم إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن حديث إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن متفق عليه من حديث أبي سعيد وذلك مستحب إلا في الحيعلتين فإنه يقول فيهما لا حول ولا قوة إلا بالله وفي قوله قد قامت الصلاة أقامها الله وأدامها ما دامت السموات والأرض وفي التثويب صدقت وبررت ونصحت وعند الفراغ يقول اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد وقال سعيد بن المسيب من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك وعن شماله ملك فإن أذن وأقام صلى وراءه أمثال الجبال من الملائكة فضيلة المكتوبة قال الله تعالى إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا وقال صلى الله عليه وسلم خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة حديث خمس صلوات كتبهن الله على العباد الحديث أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان من حديث عبادة بن الصامت وصححه ابن عبد البر وقال صلى الله عليه وسلم مثل الصلوات الخمس كمثل نهر عذب غمر بباب أحدكم يقتحم فيه كل يوم خمس مرات فما ترون ذلك يبقي من درنه قالوا لا شيء قال صلى الله عليه وسلمفإن الصلوات الخمس تذهب الذنوب كما يذهب الماء الدرن حديث مثل خمس صلوات كمثل نهر الحديث أخرجه مسلم من حديث جابر ولهما نحوه من حديث أبي هريرة وقال صلى الله عليه وسلم إن الصلوات كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر حديث الصلوات كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وقال صلى الله عليه وسلم بيننا وبين المنافقين شهود العتمة والصبح لا يستطيعونهما حديث بيننا وبين المنافقين شهود العتمة والصبح أخرجه مالك من رواية سعيد بن المسيب مرسلا وقال صلى الله عليه وسلم من لقي الله وهو مضيع للصلاة لم يعبأ الله بشيء من حسناته حديث من لقي الله مضيعا للصلاة لم يعبأ الله بشيء من حسناته وفي معناه حديث أول ما يحاسب به العبد الصلاة وفيه فإن فسدت فسد سائر عمله رواه الطبراني في الأوسط من حديث أنس وقال صلى الله عليه وسلم الصلاة عماد الدين فمن تركها فقد هدم الدين حديث الصلاة عماد الدين رواه البيهقي في الشعب بسند ضعفه من حديث عمر قال الحاكم عكرمة لم يسمع من عمر قال ورواه ابن عمر لم يقف عليه ابن الصلاح فقال في مشكل الوسيط إنه غير معروف وسئل صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل فقال الصلاة لمواقيتها حديث سئل أي الأعمال أفضل فقال الصلاة لمواقيتها متفق عليه من حديث ابن مسعود وقال صلى الله عليه وسلم من حافظ على الخمس بإكمال طهورها ومواقيتها كانت له نورا وبرهانا يوم القيامة ومن ضيعها حشر مع فرعون وهامان حديث من حافظ على الخمس بإكمال طهورها ومواقيتها كانت له نورا وبرهانا الحديث أخرجه أحمد وابن حبان من حديث عبد الله بن عمرو وقال صلى الله عليه وسلم مفتاح الجنة الصلاة حديث مفاتيح الجنة الصلاة رواه أبو داود والطيالسي من حديث جابر وهو عند الترمذي ولكن ليس داخلا في الرواية وقال ما افترض الله على خلقه بعد التوحيد أحب إليه من الصلاة ولو كان شيء أحب إليه منها لتعبد به ملائكته فمنهم راكع ومنهم ساجد ومنهم قائم وقاعد حديث ما افترض الله على خلقه بعد التوحيد شيئا أحب إليه من الصلاة الحديث لم أجده هكذا وآخر الحديث عند الطبراني من حديث جابر وعند الحاكم من حديث ابن عمر وقال النبي صلى الله عليه وسلم من ترك صلاة متعمدا فقد كفر حديث من ترك صلاة متعمدا فقد كفر أخرجه البزار من حديث أبي الدرداء بإسناد فيه مقال أي قارب أن ينخلع عن الإيمان بانحلال عروته وسقوط عماده كما يقال لمن قارب البلدة إنه بلغها ودخلها وقال صلى الله عليه وسلم من ترك صلاة متعمدا فقد برىء من ذمة محمد عليه السلام حديث من ترك صلاة متعمدا فقد تبرأ من ذمة محمد صلى الله عليه وسلم أخرجه أحمد والبيهقي من حديث أم أيمن بنحوه ورجاله ثقات وقال أبو هريرة رضي الله عنه من توضأ فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى الصلاة فإنه في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة وأنه يكتب له بإحدى خطوتيه حسنة وتمحى عنه بالأخرى سيئة فإذا سمع أحدكم الإقامة فلا ينبغي له أن يتأخر فإن أعظمكم أجرا أبعدكم دارا قالوا لم يا أبا هريرة قال من أجل كثرة الخطا ويروى إن أول ما ينظر فيه من عمل العبد يوم القيامة الصلاة حديث أول ما ينظر الله فيه يوم القيامة من عمل العبد الصلاة الحديث رويناه في الطيوريات من حديث أبي سعيد بإسناد ضعيف ولأصحاب السنن الحاكم وصحح إسناده نحوه من حديث أبي هريرة وسيأتي فإن وجدت تامة قبلت منه وسائر عمله وإن وجدت ناقصة ردت عليه وسائر عمله وقال صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة مر أهلك بالصلاة فإن الله يأتيك بالرزق من حيث لا تحتسب حديث يا أبا هريرة مر أهلك بالصلاة فإن الله يأتيك بالرزق من حيث لا تحتسب لم أقف له على أصل وقال بعض العلماء مثل المصلي مثل التاجر الذي لا يحصل له الربح حتى يخلص له رأس المال وكذلك المصلي لا تقبل له نافلة حتى يؤدي الفريضة